نماذج ومقاربات تفسيرية للإعاقة

توقيع : الدكتورعلال خوش
(03 مارس2013 ) تختلف تفسيرات الدارسين للإعاقة تبعا لاختلاف مرجعيا تهم وزوايا نظرهم : فمنهم من نظرإلى الشخص المعاق كحالة اكلينيكية تتطلب التدخل والرعاية والمراقبة الطبية والعلاج من طرف أطباء مختصين داخل المستشفيات أوالمراكزالصحية.. ومنهم من نظرإليه من زاوية حقوقية , باعتباره إنسانا يتمتع بكامل الحقوق المنصوص عليها في الشرائع الدينية والمواثيق والاتفاقيات الدولية ؛ منطلقا من كون عجزأو قصور هذا الشخص المعاق له ارتباط وثيق بالعوائق التي تسببها البيئة أو الهياكل المكونة للمجتمع وليس بالإعاقة في حد ذاتها .. كما اتجه المنظورالثالث إلى التركيزعلى الدورالتفاعلي للشخص المعاق من خلال علاقاته الاجتماعية مع مختلف أفراد المجتمع من أجل المشاركة والاندماج في النسق الاجتماعي كعنصر فاعل ومنفعل على أساس المساواة مع الأشخاص العاديين ... وبالتالي , يمكن التمييز بين ثلاثة نماذج أساسية لتفسيرالإعاقة , هي : - النموذج الفردي الذي يعتمد المقاربتين البيوطبية والوظيفية / - والنموذج الاجتماعي المعتمد للمقاربتين البيئية والحقوقية / - ثم النموذج التفاعلي المطبق للمقاربة التفاعلية .
1) - النموذج الفردي : يعتبر فرديا لأنه يركز على إعاقة الشخص كمشكلة في حد ذاتها بحاجة ماسة إلى العلاج , أو يركزعليه ككائن قاصر وظيفيا ؛ مما يدل على أن هذا النموذج يقارب الإعاقة مقاربة طبية من جهة , كما يقاربها مقاربة وظيفية حين يعتبر أن الإصابة أوالعجز أو تلف بعض الأعضاء يؤدي إلى قصور وظيفي يمنع المعاق من المشاركة الاجتماعية الفعالة من جهة ثانية .. ويؤكد أصحاب هذا النموذج الطبي والوظيفي على أن امتلاك ذوي الإعاقات لأجسام غير عادية , دافع أساس لعزلهم وإبعادهم من الحياة الاجتماعية العادية , وإدماجهم في مؤسسات خاصة تضمن لهم نظاما تربويا خاصا وخدمات علاجية خاصة ... وبالتالي , فإن هذا النموذج لا يفصل بين جسد المعاق وهويته .. (1)
2) - النموذج الاجتماعي : سمي اجتماعيا لأنه يعتبرأن الإعاقة ليست هي المشكلة في حد ذاتها , بل إن مؤسسات المجتمع والبيئة الاجتماعية هي المعرقلة لاندماج الشخص المعاق , لأنها تحرمه من حقوقه في الاستفادة من الخدمات المختلفة على قدم المساواة مع الأشخاص العاديين..ومن هنا , فإن هذا النموذج الاجتماعي يعتمد المقاربتين البيئية والحقوقية للإعاقة ؛ حيث ركز على خصائص وأنساق القيم والمعتقدات السائدة في المجتمع حول الشخص المعاق , معتبرا أن الإعاقة ترجع , في الأساس , إلى نظرة هذا المجتمع التي تمنع المعاق من المشاركة الاجتماعية الفعالة .. وبالتالي , فإن التداعيات النفسية والسلوكية لدى الأشخاص في وضعية إعاقة لها ارتباط مباشربالاتجاهات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية نحوهم .. " وباختصار يؤكد النموذج الاجتماعي أن العجزأو الإعاقة ناتجة عن عدم إدراك وعدم رغبة المجتمع في التعامل والتسليم بالاختلافات والفروق , على مستوى الخصائص والإمكانات البدنية والعقلية والوجدانية , بين ذوي الإعاقة وأقرانهم العاديين .." (2)
3) - النموذج التفاعلي : إذا انطلقنا من مفهوم المقاربة التفاعلية الرمزية في منظور سوسيولوجيا التربية , نجد أنها تقوم على فهم سلوك الأفراد لفهم النسق الاجتماعي ككل, مركزة على أدوارهم وأفعالهم الاجتماعية؛ حيث تهتم هذه المقاربة بالتفاعل الرمزي المتشكل من اللغة والمعاني والصور الذهنية لهؤلاء الأفراد , مما يبرز العلاقة التفاعلية بينهم داخل المجتمع ..
وبالتالي , فالنموذج التفاعلي يركزعلى دورالأفراد في وضعية معيقة كفاعلين ومنفعلين, يتبادلون التأثيروالتأثر, محاولين في هذا الإطار, إثبات ذواتهم من خلال تحديهم للإعاقة عن طريق تفعيل قدراتهم ومهاراتهم المختلفة بشكل يساهمون به في تنمية وتطويرالمجتمع, وتغييرنظرته السلبية إليهم كأشخاص غير عاديين ..


1) - د , بن عيسى المهدي , مقال :" تجاوز الإعاقة بين اليات الدمج وتشكيل الهوية – مقاربة سوسيولوجية " , مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية , (بتصرف ) , الجزائر , على الموقع : www.Khieraonline .com
2 ) - د , المهدي محمد القصاص ( 2004 ) ," التمكين الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة : دراسة ميدانية " , كلية الاداب , جامعة المنصورة , مصر